الزيارة العاشرة ؟! - 5 يناير 2014
2021-10-11 638
لابد وأن يلاحظ البعض أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري تفوق على مبعوث الأمم المتحدة بعد حرب يونيو 67 جونار يارنج وكل من جاء بعده من وسطاء السلام الأمريكيين والدوليين ، في زياراته المكوكية للمنطقة لتحريك عملية السلام ، حيث حملت زيارته الأخيرة لإسرائيل ورام الله التي بدأت الخميس الرقم 10 في أقل من عام .وقد خصصها هذه المرة لتسويق مبادرته المعروفة بـ "اتفاق الإطار"، ، إلى جانب ما يفترض بأنها قد تكون المحاولة الأخيرة لإنقاذ عملية السلام بعد وصولها إلى طريق مسدود بسبب المواقف والممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. وكعادتها دائمًا ، استبقت إسرائيل وصول كيري بالإعلان عن ضم منطقة الأغوار الفلسطينية ، وعن بناء وحدات استيطانية جديدة ، والإصرار على شرط موافقة الجانب الفلسطيني على يهودية الدولة.
لذا يمكن القول في ضوء هذه التطورات أن لا أمل البتة في أن تسفر المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية – حتى لو استؤنفت تحت الضغط الأمريكي على السلطة الفلسطينية - عن أي انفراج في عملية السلام وتحقيق رؤية حل الدولتين على أسس المرجعيات والقرارات الدولية . وهو ما عبرت عنه افتتاحية "الجارديان" البريطانية الخميس الماضي بالقول :"إن عملية السلام بين الجانبين كانت تهدف إلى تجنب إحلال هذا السلام بدلا من التوصل إليه في كثير من الأحيان ، وأن المفاوضات كانت لمجرد الإيحاء للفلسطينيين بأن الجانب الآخر يسعى للتوصل إلى حل ما للصراع القائم بينهما، إلا أنه كان في الحقيقة يسخر منهم خاصة أنهم ظلوا بانتظار التوصل إلى قدر بسيط من العدالة لأكثر من جيل" . وخلصت الافتتاحية إلى أن الجانب الإسرائيلي يتحمل قدرا كبيرا من فشل المحادثات الإسرائيلية - الفلسطينية، تليها الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الثانية، وأخيراً وبقدر بسيط الفلسطينيون أنفسهم . بالطبع لهذا القول أهميته ، ليس لواقعيته فقط ، وإنما أيضًا لصدوره عن صحيفة بريطانية ، وليست صحيفة فلسطينية أو عربية. لكن لابد من ملاحظة أن "الافتتاحية" أرادت الإشارة تلميحًا وليس تصريحًا في معرض إلقاء مسؤولية فشل المفاوضات على الفلسطينيين أيضًا - ولو بقدر ضئيل- إلى أن الموقف الفلسطيني (الناعم) لعب دورًا في إفشال المفاوضات. وهو ما أمكن لمسه بشكل خاص عندما كان ينبغي على الجانب الفلسطيني انتهاز فرصة الموقفين المصري والسعودي القويين ضد سلوك الإدارة الأمريكية بالنسبة للملف السوري ودعم الإخوان في مصر، والذي وصل إلى ذروته في رفض الرياض كرسي العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي ، وفي الانتقادات الصريحة التي وجهها المشيرعبد الفتاح السيسي لتلك الإدارة ولجوئه إلى موسكو كبديل استراتيجي للحليف الأمريكي بما يطرح السؤال: كيف لنا أن نفهم أن تضيع السلطة الفلسطينية مثل هذه الفرصة وتستمر في موقفها (الناعم) مع الأمريكيين ، خاصة بعد التطورات الأخيرة (ضم منطقة الأغوار ، والإصرار على مواصلة الاستيطان حتى لو أستؤنفت المفاوضات)، وكيف تذعن للإصغاء لاتفاقية الإطار التي حملها كيري في زيارته الأخيرة والتي يبدو من الواضح أنها لا تخرج عن إطار تبني المواقف الإسرائيلية وتوفير الأمن للإسرائيليين فقط ؟!..